حكم الانتحار في الإسلام لحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ... الإنتحار أو قتل الإنسان نفسه في اصطلاح الفقهاء. وهو نوعان: انتحار الإيجاب وانتحار السلب. فالإيجاب: هو قتل الشخص نفسه بإتيان فعل منهي عنه، مثل استعمال السيف أو الرمح أو البندقية، أو السم، أو إلقاء نفسه من شاهق أو في النار أو في الماء ليغرق نفسه وغير ذلك من الوسائل. أما انتحار السلب: فهو إذا كان ازهاق الروح بالإمتناع عن الواجب كالإمتناع عن الأكل والشرب، وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه، على أن هذا مختلف فيه أيضاً وله تفاصيل كثيرة في كتب الفقه يصعب تلخيصها فلتراجع تلك الكتب، وسألحق المراجع بهذه الفتوى. أما حكم الإنتحار: فهو حرام باتفاق العلماء ويعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك، لقوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) سورة الأنعام آية 151. وقوله (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) سورة النساء آية 29. وقد قرر الفقهاء أن المنتحر اعظم وزراً من قاتل غيره، وهو فاسق وباغ على نفسه، حتى قال بعضهم: لا يغسل ولا يصلى عليه. هذا من حيث المبدأ الدال على الحرمة، أما القضية ففيها تفاصيل كثيرة على حسب توصيف الحالة التي تم إزهاق النفس بها، ايجاباً أو سلباً، عمداً أوخطأً. فيختلف الحكم باختلاف الحالة.ثم هناك حالات تشبه الانتحار، ولكنه لا عقاب على مرتكبها، ولا يأثم فاعلها، لأنها ليست انتحاراً. مثل الانتقال من سبب موت إلى آخر، كالذي يفر من حريق سفينة فيغرق في البحر، أو الذي يهجم على صف العدو، أو الذي يأمر غيره بقتله، كأن يقول له اقتلني، أو يقول له أبرأتك إن قتلتني، أو وهبت لك دمي فقتله. ففي هذه الحالات اختلف الفقهاء في الحكم بين من اعتبر مثل هذا قتلاً للنفس ومن اعتبره قتل عمد، ومن لم يعتبره انتحاراً ولا قتل عمد. على تفصيل وبسط في كتب الفقه، أما هجوم الواحد على صف العدو فإن مذهب المالكية يراه جائزاً، إن كان قصده إعلاء كلمة الله، وكان فيه قوة وظن تأثيره فيهم، ولو علم ذهاب نفسه، فلا يعتبر ذلك انتحاراً عندهم. ونقل عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو. ونقل الرازي رواية عن الشافعي" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة، فقال له رجل: أرأيت إن قتلت في سبيل الله فأين أنا؟ قال: في الجنة، فألقى تمرات في يديه ثم قاتل حتى قتل" اخرجه مسلم. وأما تأويل قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التكلهة) سورة البقرة آية 195 بأن الموت هو التهكلة حسب المتبادر إلى الذهن فإنه مردود، ومعنى التهلكة كما فسرّها أكثر المفسرين، الإقامة في الأموال وإصلاحها وترك الجهاد، لما روى الترمذي عن أسلم بن عمران في غزو القسطنطينية أنه " حمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس، وقالوا: سبحان الله، يلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أيها الناس، إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينامعاشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد على على ما قلنا (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو" أخرجه الترمذي ,,,,, السؤال ما حكم الصلاة على المنتحر ؟ الجواب صلاة الجنازة فرض كفاية على كل من مات مسلما حتى لو كان عاصيا ، ولا تجوز على الكافر ولا على المرتد، ومن الردة استحلال ما حرمه الله تحريما قاطعا ، والانتحار محرم قطعا ، بالقرآن والسنة، قال تعالى{ ولا تقتلوا أنفسكم } النساء : 29 ، وبيَّن النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح أن من قتل نفسه بحديدة أو سمٍّ أو إلقاء من مكان عال فهو يعذب فى النار خالدا فيها أبدا على الطريقة التى قتل بها نفسه . وإذا علمنا من المنتحر بكلامه أو بورقة مكتوبة بخطه مثلا أنه يستحل الانتحار كان مرتدا ، ولا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين . وإن لم نعلم فنحمل أمره على الظاهر وهو الإسلام ، ونصلى عليه وندفنه فى مقابر المسلين . والحديث المذكور محمول على من استحل الانتحار ، فهو مخلد فى النار ، أو محمول على التغليظ والتنفير كما جاء فيمن قتل مؤمنا متعمدا{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاب عظيما } النساء : 93 ، ومما يدل على أن المنتحر الذى لم يستحل الانتحار مؤمن وإن كان عاصيا ما رواه مسلم أن رجلا هاجر إلى المدينة فمرض لعدم ملاءمة جوها له فجزع فقطع مفاصل أصابعه فسال دمه بقوة ومات ، فراه الطفيل الدوسى فى المنام فى هيئة حسنة مغطيا يديه ، فقال له : ما صنع بك ربك ؟ قال : غفر لى بهجرتى إلى نبيه ، فقال : ما لى أراك مغطيا يديك ؟ قال : قيل لى لن نصلح منك ما أفسدت ، فقصَّ الرؤيا على الرسول صلى الله عليه وسلم فدعا له وقال " اللهم وَلِيَدَيْه فاغفر " . يقول النووى فى التعليق على هذا الحديث : فيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر ولا يقطع له بالنار، بل هو فى حكم المشيئة، أى فى حكم قوله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء : 48 . يؤخذ من هذا أن المنتحر الذى لم يعلم استحلاله للانتحار مؤمن ، فيصلى عليه صلاة الجنازة . لكن ورد نص يمنع الصلاة عليه ، ففى مسلم عن جابر بن سمرة قال : أُتِىَ النبى صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص - سهام عريضة -فلم يصل عليه ، قال العلماء : هذا الحديث محمول على التنفير من الانتحار، كعدم صلاته الجنازة على من عليه دين ، وقد صلت الصحابة على المدين بأمر النبى صلى الله عليه وسلم ، وذلك للتنفير من الدين وليس لأنه كافر، وتكره عند مالك الصلاة على المرجوم بحد ، والفساق ، وذلك زجرًا لهم " صحيح مسلم -شرح النووى ج 7 ص 47 " ==== ............................. تحياتي _.-*-._zezo_.-*-._zezo2_.-*-._@nimbuzz.com لمزيدمن الدروس والاسئله والقصائدوالادعية يرجي زيارة موقع http://txtislamy.hexat.com